قوله جل ذكره: {وَءَاخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ}.أي بَعَثَه في الأميين، وفي آخرين منهم وهم العجم، ومن يأتي.. إلى يوم القيامة؛ فهو صلى الله عليه وسلم مبعوثٌ إلى لناس كافَّة.قوله جل ذكره: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.يقصد به هنا النبوة، يؤتيها {مَن يَشَآءُ}؛ وفي ذلك ردٌّ على مَنْ قال: إنها تُُسْتَحَقُّ لكثرة طاعة الرسول- وردٌّ على من قال: إنها لتخصيصهم بطينتهم؛ فالفضل ما لا يكون مُسْتَحَقّاً، والاستحقاق فَرضٌ لا فضل.ويقال: {فَضْلُ اللَّهِ} هنا هو التوفيق حتى يؤمِنوا به.ويقال: هو الأُنْسُ بالله، والعبدُ يَنْسَى كلَّ شيء إذا وَجَدَ الأُنْسَ.ويقال: قَطَعَ الأسباب،- بالجملة- في استحقاق الفضل، إذا أحاله على المشيئة.قوله جل ذكره: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُواْ التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِئَايَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا}: ثم لم يعملوا بها.ويلْحَقُ بهؤلاء في الوعيد- من حيث الإشارة- الموسومون بالتقليد في أي معنى شِئتَ: في علم الأصول، وممَّا طريقُه أدلةُ العقول، وفي هذه الطريقة ممَّا طريقُه المنازلات.قوله جل ذكره: {قُلْ يَأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُواْ إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُّمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنُّواْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وَلاَ يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدَا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيم بالظَّالِمِينَ}.هذا من جلمة معجزاته صلى الله عليه وسلم، فَصَرْفُ قلوبِهم عن تمنِّي الموتِ إلى هذه المدة دَلَّ على صِدْقِه صلوات الله عليه.ويقال: من علامات المحبة الاشتياقُ إلى المحبوب؛ فإذا كان لا يَصِلُ إلى لقائه إلا بالموتِ فتمنِّيه- لا محالة- شرطٌ، فأخبر أنهم لا يتمنونه أبداً.. وكان كما اخبر.